• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: صلاة من يصلي فريضة خلف المتنفل والعكس
  • رقم الفتوى: 3530
  • تاريخ الإضافة: 14 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    هل يجوز لمن يصلي نافلة أن يؤم الذين يصلون فريضة؟ وكذلك هل يجوز لمن يصلي النافلة أن يصلي خلف من يصلي فريضة؟
  • الاجابة

    نعم يجوز أن يصلي الإمام فريضة ويصلي المأموم خلفه نافلة؛ لحديث الرجلين اللذين رآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسين في المسجد لم يصليا مع الجماعة، فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا معنا»، قالا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا، قال: «لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكم نافلة» (1)
    وقوله - صلى الله عليه وسلم - عندما رأى رجلاً يصلي وحده: «ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلي معه» (2).
    وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: «إذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك، فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة ... » الحديث (3).

    وأما صلاة المفترض خلف المتنفل فتجوز أيضاً، ودليلها حديث معاذ أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
    فكان متنفلاً وهم يصلون الفريضة، والحديث متفق عليه (4).
    وقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تصلى صلاة في اليوم مرتين» (5)، مما يدلّ على أن معاذاً كان متنفلاً.
    ويجوز أيضاً للمتنفل أن يصلي خلف المتنفل، دليلها صلاة ابن عباس خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - (6)، وكذا صلاة الصحابة خلفه عليه الصلاة والسلام في رمضان (7).

    ولكن لاتكون صلاة الجماعة في النافلة بشكل دائم فلا يُحافَظُ عليها، فالمداومة عليها بدعة، بل تفعل أحياناً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يداوم عليها، وكذا أصحابه من بعده، ما عدا قيام رمضان فقط وما شرع بالجماعة كالكسوف والاستسقاء. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    وأما أقوال أهل العلم في المسألة:

    فقال ابن قدامة في المغني (2/ 166): فصل: وفي صلاة المفترض خلف المتنفل روايتان: إحداهما: لا تصح. نص عليه أحمد، في رواية أبي الحارث، وحنبل. واختارها أكثر أصحابنا. وهذا قول الزهري، ومالك، وأصحاب الرأي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» . متفق عليه. ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام، أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر.
    والثانية: يجوز. نقلها إسماعيل بن سعيد. ونقل أبو داود، قال: سمعت أحمد سئل عن رجل صلى العصر، ثم جاء فنسي، فتقدم يصلي بقوم تلك الصلاة، ثم ذكر لما أن صلى ركعة، فمضى في صلاته؟ قال: لا بأس.
    وهذا قول عطاء، وطاوس، وأبي رجاء، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبي ثور، وابن المنذر، وأبي إسحاق الجوزجاني، وهي أصح؛ لما روى جابر بن عبد الله، «أن معاذا كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة» . متفق عليه. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «صلى بطائفة من أصحابه في الخوف ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، ثم سلم» . رواه أبو داود، والأثرم.
    والثانية منهما تقع نافلة، وقد أم بها مفترضين. وروي عن أبي خلدة، قال: أتينا أبا رجاء لنصلي معه الأولى، فوجدناه قد صلى، فقلنا: جئناك لنصلي معك. فقال: قد صلينا ولكن لا أخيبكم، فأقام فصلى وصلينا معه. رواه الأثرم. ولأنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال، فجاز ائتمام المصلي في إحداهما بالمصلي في الأخرى، كالمتنفل خلف المفترض.
    فأما حديثهم فالمراد به، لا تختلفوا عليه في الأفعال، بدليل قوله: «فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون» . ولهذا يصح ائتمام المتنفل بالمفترض مع اختلاف نيتهما،، وقياسهم ينتقض بالمسبوق في الجمعة يدرك أقل من ركعة، ينوي الظهر خلف من يصلي الجمعة.

    فصل: ولا يختلف المذهب في صحة صلاة المتنفل وراء المفترض. ولا نعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً، وقد دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه» . والأحاديث التي في إعادة الجماعة، ولأن صلاة المأموم تتأدى بنية الإمام، بدليل ما لو نوى مكتوبة، فبان قبل وقتها. انتهى

    وانظر التمهيد لابن عبد البر (24/ 367- طبعة وزارة الأوقاف المغربية )، وفتح الباري لابن رجب (6/ 240) ومما قاله ابن رجب: مراده بهذا -أي البخاري-: أن اقتداء المفترض بالمتنفل صحيح، استدلالاً بهذا الحديث -أي حديث معاذ-.
    وقد ذهب إلى هذا طائفة من العلماء، منهم: طاووس وعطاء، وقال: لم نزل نسمع بذلك...انتهى

    وقال ابن تيمية في صلاة النافلة جماعة: صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان فهذا يفعل في الجماعة دائماً كما مضت به السنة. الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة: كقيام الليل والسنن الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد ونحو ذلك. فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز. وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة بل بدعة مكروهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا. والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا فإنه كان يقوم الليل وحده؛ لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه وليلة أخرى صلى معه حذيفة وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم. وعامة تطوعاته إنما كان يصليها مفردا وهذا الذي ذكرناه في التطوعات المسنونة فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها: " كصلاة الرغائب " في أول جمعة من رجب " والألفية " في أول رجب ونصف شعبان وليلة سبع وعشرين من شهر رجب وأمثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله. والله أعلم. انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 413)، وانظر (23/ 132)، والفتوى رقم (3566) في هذا الموقع.
    _________
    (1) أخرجه أبو داود (614) والترمذي (219)، والنسائي (858) عن يزيد بن الأسود.
    (2) أخرجه أبو داود (574)، والترمذي (220) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

    (3) أخرجه مسلم (534) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
    (4) أخرجه البخاري (700)، ومسلم (465) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
    (5) أخرجه أبو داود (579)، والنسائي (860) عن ابن عمر - رضي الله عنه -.
    (6) أخرجه البخاري (117)، ومسلم (763) عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
    (7) أخرجه البخاري (924)، ومسلم (761) عن عائشة رضي الله عنها.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم