• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: وجوب الإنصات للخطبة يوم الجمعة
  • رقم الفتوى: 3691
  • تاريخ الإضافة: 4 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    ما حكم الإنصات للخطبة يوم الجمعة ؟
  • الاجابة

    يجب الإنصات للخطيب إذا بدأ بالكلام، ويحرم الانشغال عنه بالحديث أو العبث، وكذلك التشويش على الناس؛ لحديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت». متفق عليه([1])

    وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس، كانت له ظهراً»([2]).

     والكلام أثناء الخطبة محرم ومبطل لأجر الجمعة، وأما صلاته فصحيحة ولا يلزمه إعادتها، ولكنها من حيث الأجر تعد لصاحبها ظهراً.

     والمقصود باللغو: الباطل المردود، فهو هنا كل ما يشغل عن الإنصات إلى الخطيب، فقد قال النبي ﷺ: «ومن مس الحصا فقد لغا»([3]).

    وكما تقدم، إذا قال لصاحبه: أنصت فقد لغا، فدل ذلك على أن المراد باللغو هنا: كل ما يشغل عن الإنصات إلى الخطيب. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال البغوي في شرح السنة (4/ 259): ويروى: فقد لغيت، يقال: لغا يلغو، ولغي يلغى، وقال عثمان بن عفان: «إذا جلس الإمام فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الأجر مثل ما للمنصت السامع».
    وقال رحمه الله: اتفق أهل العلم على كراهية الكلام، والإمام يخطب، وإن تكلم غيره، فلا ينكر إلا بالإشارة، قال علي: لا يصلى حين يقوم الإمام على المنبر يوم الجمعة.
    وقال ابن شهاب: خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام.

    معناه: أن أحداً لا يبتدئ الصلاة ممن هو في المسجد بعد خروج الإمام حتى لا يفوته أول الخطبة، ولا بأس بالكلام ما لم يبتدئ الإمام الخطبة. 

    واختلفوا في رد السلام، وتشميت العاطس حالة الخطبة، فرخص فيه بعضهم، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي، وكره بعضهم من التابعين، وغيرهم، وهو قول سعيد بن المسيب.
    قال الزهري: لا بأس بالكلام إذا نزل الإمام عن المنبر إلى أن يكبر.
    قال إبراهيم بن المهاجر: رأيت سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي يتكلمان، والإمام يخطب يوم الجمعة. انتهى

    وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 31): "أما قوله "فقد لغوت"؛ فإنه يريد فقد جئت بالباطل، وجئت بغير الحق. واللغو: الباطل". 

    وقال: "لا خلاف علمته بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات لخطبة على من سمعها في الجمعة، وأنه غير جائز أن يقول الرجل لمن سمعه من الجهال يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة؛ أنصت أو صه أو نحو ذلك؛ أخذاً بهذا الحديث، واستعمالاً له، وتقبلاً لما فيه.

    وقد روي عن الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وأبي بردة أنهم كانوا يتكلمون في الخطبة إلا حين قراءة الإمام القرآن في الخطبة خاصة، كلهم ذهبوا: أن لا إنصات إلا للقرآن؛ لقوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وفعلهم ذلك مردود عند أهل العلم بالسنة الثابتة المذكورة في هذا الباب، وأحسن أحوالهم أن يقال: إنهم لم يبلغهم الحديث في ذلك؛ لأنه حديث انفرد به أهل المدينة، ولا علم لمتقدمي أهل العراق به، والحجة في السنة لا فيما خالفهما. وبالله التوفيق . انتهى 

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 147): قوله صلى الله عليه وسلم:" ومن مس الحصا لغا" فيه النهى عن مس الحصا وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة، والمراد باللغو هنا: الباطل المذموم المردود. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (934)، ومسلم (851) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه أحمد (6954)، وأبو داود (347)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1810).

    ([3]) أخرجه مسلم (807) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم