• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: كيفية رفع اليدين في صلاة الاستسقاء
  • رقم الفتوى: 3827
  • تاريخ الإضافة: 16 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    أرجو بيان كيفية رفع اليدين في الدعاء بعد صلاة الاستسقاء، وهل يرفع الإمام فقط أم الإمام والناس معه؟
  • الاجابة

    رفع اليدين في دعاء الاستسقاء مستحب للإمام والناس الذين معه؛ ثبت ذلك في حديث أنس بن مالك، قال: أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون. أخرجه البخاري تعليقاً بهذا اللفظ.

    وفي رواية في الصحيحين : «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه».

    وفي رواية في البخاري:" فمد يديه ودعا". 

    وفي رواية في صحيح مسلم: "«أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء».

    وفي رواية عند أبي داود: "كان يستسقي هكذا - يعني - ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه».

    ويوجد روايات أخرى خارج الصحيحين، منها حديث  عمير مولى بني آبي اللحم: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبًا من الزوراء قائمًا يدعو يستسقي، رافعًا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه. أخرجه أبو داود.

    وفي رواية: رافعا كفيه، لا يجاوز بهما رأسه مقبل بباطن كفيه إلى وجهه»

    من هذه الروايات يتبين لنا أن صفة الرفع الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم نوعان: 

    1- ترفع يديك إلى الأعلى وتمدهما، وتقلب كفيك فتجعل بطونهما إلى أسفل وظهورهما إلى أعلى.

    2- ترفع كفيك إلى مستوى وجهك ولا تزيد، وتجعل باطنهما جهة وجهك. 

    هاتان الصفتان صحيحتان في رفع اليدين في دعاء الاستسقاء، والصفات الأخرى المروية في هذا لا تصح. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال ابن رجب في فتح الباري (9/ 214): والمقصود من هذا الحديث في هذا الباب: أن المأمومين يرفعون أيديهم إذا رفع الإمام يده، ويدعون معه.
    وممن قال: إن الناس يدعون ويستسقون مع الإمام: مالك وأحمد. وقال أصحاب الشافعي: إن سمعوا دعاء الإمام أمنوا عليه، وإن لم يسمعوا دعوا. وكذا قالوا في قنوت المأموم خلف الإمام.
    وأما مذهب أحمد، فإن لم يسمع المأموم قنوت إمامه المشروع دعا.
    وإن سمع، فهل يؤمن، أو يدعو، أو يخير بينهما، أو يتابعه في الثناء، ويؤمن على دعائه؟ حكي عنه فيه روايات. انتهى

    وقال ابن حجر في فتح الباري (2/ 413): وكأنه أراد أن يبين أن المراد بالرفع هنا المد، لا كالرفع الذي في الصلاة، وسيأتي في كتاب الدعوات صفة رفع اليدين في الدعاء، فإن في رفعهما في دعاء الاستسقاء صفة زائدة على رفعهما في غيره، وعلى ذلك يحمل حديث أنس:" لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء" وأنه أراد الصفة الخاصة بالاستسقاء. انتهى

    قلت: ولعله أراد في الخطبة على المنبر خاصة، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن عمارة بن رؤيبة، قال: رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: «قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة».. والله أعلم 

    وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 369): "ذكر صفة رفع اليدين في الاستسقاء"
    وذكر بإسناده  "عن أنس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى هكذا، ومد يديه وجعل باطنها مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه»". انتهى 

    وقال ابن رجب (9/ 219): " ولا أعلم أحداً من العلماء خالف في استحباب رفع اليدين في دعاء الاستسقاء، وإنما اختلفوا في غيره من الدعاء، كما سنذكره في موضعه - إن شاء الله سبحانه وتعالى.
    وانما اختلفوا في صفة الرفع، على حسب اختلاف الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك في الاستسقاء.
    وقد روي، عنه - صلى الله عليه وسلم - في الاستسقاء في هذا خمسة أنواع"

    فذكر روايات الأنواع الأربعة برواياتها، فنقتصر على ذكر الأنواع فقط. قال:

    أحدها: الإشارة بإصبع واحدة إلى السماء. 

    النوع الثاني: رفع اليدين وبسطهما، وجعل بطونهما إلى السماء. 

    النوع الثالث: أن يرفع يديه، ويجعل ظهورهما إلى القبلة، وبطونهما مما يلي وجهه. وخرج أبو داود من حديث محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمير مولى آبي اللحم، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت، قائما يدعو، يستسقى، رافعاً يديه قبل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه.
    وخرجه الإمام أحمد، وزاد: مقبلاً بباطن كيفه إلى وجهه .
    وخرجه ابن حبان - بهذه الزيادة. وخرجه جعفر الفريابي من وجه آخر، عن عمير، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يدعو، رافعاً كفيه قبل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه، مقبلاً ببطن كفيه إلى وجهه...."

    النوع الرابع: عكس الثالث، وهو أن يجعل ظهورهما مما يلي وجه الداعي".

    وقال: النوع الخامس: أن يقلب كفيه، ويجعل ظهورهما مما يلي السماء، وبطونهما مما يلي الأرض، مع مد اليدين ورفعهما إلى السماء.
    خرج مسلم من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء. وخرجه الإمام أحمد، ولفظه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، بسط يديه، وجعل ظاهر هما مما يلي السماء.
    وخرجه أبو داود، وعنده: استسقى - يعني: ومد يديه -، وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه.
    وفي رواية: وهو على المنبر. خرجها البيهقي.
    وخرج أبو داود من رواية عمر بن نبهان، تكلم فيه.
    وخرج الإمام أحمد من رواية بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً بعرفة يدعو، هكذا، ورفع يده حيال ثندوتيه، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض.
    وفي رواية له - أيضا -: وجعل ظهر كفيه مما يل وجهه، ورفعهما فوق
    ثندوتيه، وأسفل من منكبيه.
    وبشر بن حرب، مختلف فيه.
    وقد تأول بعض المتأخرين حديث أنس على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد قلب كفيه، إنما حصل له من شدة رفع يديه انحاء بطونهما إلى الأرض.
    وليس الأمر كما ظنه، بل هو صفة مقصود لنفسه في رفع اليدين في الدعاء.
    روى الوليد بن مسلم بإسناده، عن ابن سيرين، قال: إذا سألت الله فسل ببطن كفيك، وإذا استخرت الله، فقل هكذا - ووجه يديه إلى الأرض -، وقال: لا تبسطهما.
    وروى الإمام أحمد، عن عفان، أن حماد بن سلمة وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه بعرفة، ووضع عفان وكفيه مما يلي الأرض.
    وقال حرب: رأيت الحميدي مد يديه، وجعل بطن كفيه إلى الأرض، وقال: هكذا الابتها.
    وحماد بن سلمة والحميدي من أشد الناس تشددا في السنة، وردا على من خالفها من الجهمية والمعتزلة ونحوهم.

    وقد ذهب مالك إلى رفع اليدين في الاستسقاء على هذا الوجه:
    ففي تهذيب المدونة في كتاب الصلاة: ضعف مالك رفع اليدين عند الجمرتين، واستلام الحجر، وبعرفات، والمواقف، وعند الصفا والمروة، وفي المشعر، والاستسقاء، وقد رئي مالك رافعاً يديه في الاستسقاء، حين عزم عليهم الإمام، وقد جعل بطونهما مما يلي الأرض، وقال: إن كان الرفع فهكذا.
    قال ابن القاسم: يريد في الاستسقاء في مواضع الدعاء. 

    وكذا ذكره أصحاب الشافعي: ففي شرح المهذب في الاستسقاء: قال الرافعي وغيره: قال العلماء: السنة لكل من الدعاء لرفع بلاء أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإن دعا لطلب شيء جعل بطن كفيه إلى السماء.

    وقال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا في كتابه الشافي في كتاب الاستسقاء في باب: القول في رفع اليدين في الدعاء وصفته ، ثم روى فيه حديث قتادة، عن أنس الذي خرجه البخاري في الدعاء وصفته، ثم حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقى هكذا - ومد يديه، وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى بياض إبطيه.
    ولم يذكر في الرفع وصفته غير ذلك، وهذا يدل على أنه يرى أن هذا هو صفة رفع اليدين في الاستسقاء، أو مطلقاً؛ لكن مع رفع اليدين إلى السماء والاجتهاد في رفعهما، إلى أن يُرى منه بياض الإبطين. انتهى باختصار

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم