• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: صلاة التراويح والعيدين جماعة في البيت
  • رقم الفتوى: 4636
  • تاريخ الإضافة: 21 شعبان 1441
  • السؤال

    السلام عليكم شيخ علي، نأمل تفصيل القول في حكم صلاة التروايح في البيوت جماعة، وكذلك صلاة العيدين سواء الفطر أو الأضحي في البيوت، وبارك الله فيكم، حبذا لو تنشروه على الموقع مفصلاً للاستفادة .

  • الاجابة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد؛

    فأما صلاة التراويح جماعة في البيوت فجائزة، نص على ذلك الليث بن سعد والمالكية؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة قيام الليل جماعة مع ابن عباس في بيته(1)، وكان الصحابة قبل أن يجتمعوا عليها، يصلون صلاة التراويح في جماعات متفرقة في المسجد(2).

    وأما صلاة العيد فهي من المسائل التي تنازع فيها السلف، فأرى أنها إذا لم تقم جماعة مع الإمام، أن تصليها في بيتك كما تصليها مع الإمام، من غير خطبة ؛ فإقامتها بخطبة هذه تكون مع الإمام هكذا شرعت، وصلاتك لها على الاستحباب. وهذا لخبر أنس رضي الله عنه الذي سيأتي في كلام ابن قدامة. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال الليث بن سعد: فأما إذا كانت الجماعة في المسجد؛ فلا بأس أن يقوم الرجل في بيته أو لأهل بيته. انتهى من اختصار اختلاف العلماء للطحاوي (1/ 313).

    ولفظه في طرح التثريب (3/ 97): فأما إذا كانت الجماعة قد قامت في المسجد؛ فلا بأس أن يقوم الرجل لنفسه ولأهل بيته في بيته. انتهى

    وقال الدردير في الشرح الكبير (1/ 315): (و) تأكد (تراويح) وهو قيام رمضان ووقته كالوتر والجماعة فيه مستحبة (و) ندب (انفراد بها) أي فعلها في البيوت ولو جماعة (إن لم تعطل المساجد). انتهى

    وسئل ابن عثيمين: أحسن الله إليكم. بالنسبة للشخص الذي يصلي صلاة التراويح أو القيام في بيته، ولا يصليها في المسجد مع الجماعة بحكم أنها من النوافل، هل صلاتها في الجماعة تؤجر بسبعٍ وعشرين؟

    فقال : أما تفضيل صلاة الفريضة في الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين فهذا لا إشكال فيه، ثبت فيه الحديث، وأما النوافل التي تصلي فيها جماعة فيحتمل أن يقال: إنها تضاعف أيضاً، ويحتمل أنها أفضل ولكن لا نجزم بالفضل المعين الذي هو سبع وعشرين درجة، لكن لا شك أنها أفضل من الصلاة منفرداً. نعم. انتهى من فتوى على موقعه الرسمي(3).

    وقال ابن باز وهو يبين كيفية صلاة المرأة خلف الرجل، قال: وهكذا في التراويح لو صلين مع الإمام صلين خلفه، أو صلى بهن صاحب البيت صلين خلفه، سواء كن واحدة أو أكثر يصلين خلفه. انتهى مجموع الفتاوى (12/ 194).

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 41) في شرح حديث عائشة في قيام النبي صلى الله عليه وسلم رمضان في المسجد واقتداء أصحابه به، قال: ففيه جواز النافلة جماعة، ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا في نوافل مخصوصة، وهي: العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح عند الجمهور كما سبق، وفيه جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت أفضل، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز وأنه كان معتكفاً. انتهى

    وأما صلاة العيد فقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 336): ذكر صلاة العيد حيث لا تصلى الجمعة
    قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في صلاة العيد للمسافرين، ولمن لا تجب عليه الجمعة، فروينا عن الحسن البصري أنه قال في المسافر يأتي عليه يوم عيد: إذا طلعت الشمس يصلي ركعتين، وإن كان الأضحى ذبح.
    وروينا عن أبي عياض، ومجاهد: أنهما كانا في يوم فطر متواريين زمان الحجاج فتكلم أبو عياض ودعا لهم وأمهم بركعتين.

    وكان الشافعي يقول في صلاة العيد: تصلى في البادية التي لا جمعة فيها، وتصليها المرأة في بيتها، والمرأة، والمسافر. هذا آخر قوليه، وكان يقول إذ هو بالعراق: لا يصلى العيدان إلا حيث تصلى الجمعة.
    وفيه قول سواه: روينا عن علي أنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.

    حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: «لا جمعة، ولا تشريق إلا في مصر جامع». قال معمر: يعني بالتشريق يوم الفطر والأضحى الخروج إلى الجبانة.

    وقال الزهري: ليس على المسافر صلاة الأضحى ولا صلاة الفطر إلا أن يكون في قرية أو مصر فيشهد الصلاة، وقال: مالك في الإمام يكون في السفر فتحضر صلاة الفطر أو الأضحى؟ قال: ليس ذلك عليه، وقال مالك: ليس ذلك عليهم لا جماعة ولا فرادى.
    وقال إسحاق: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، والمصر القرية الجامعة.

    وقال أصحاب الرأي في العيدين: إنما تجب على أهل الأمصار والمدائن. انتهى 

    وقال (4/ 334): واختلفوا في الرجل تفوته صلاة العيد مع الإمام فقالت طائفة: يصلي أربعاً، كذلك روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: يصلي أربعا، وبه قال أحمد، واحتج بحديث ابن مسعود، وقال الثوري: أحب إلي أن يصلي أربعاً.
    حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مطرف، عن الشعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود، قال: «من فاتته الصلاة مع الإمام يوم الفطر فليصل أربعا»
    وقال أصحاب الرأي: إن شاء صلى وإن شاء لم يصل، فإن أراد أن يصلي إن شاء صلى أربع ركعات وإن شاء ركعتين.

    وقالت طائفة: إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام صلى كصلاة الإمام، هذا قول النخعي، وكان ابن سيرين يستحب أن يصلي مثل صلاة الإمام، وإن علم ما قرأ به الإمام قرأ به، وقال عطاء في رجل صلى صلاة الفطر غير متوضئ قال: يعود لها، وقال ذلك عمرو بن دينار، وقال مالك: فيمن فاتته صلاة العيد مع الإمام: إن صلى بعد انصراف الإمام صلى مثل صلاة الإمام، وقال الشافعي، وأبو ثور: يصلي كما صلى الإمام.

    وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي ركعتين لا يجهر بقراءته، ولا يكبر تكبير الإمام، هذا قول الأوزاعي.

    وفيه قول رابع: وهو إن صلى في الجبان صلى كما صلى الإمام، وإن لم يصل في الجبان صلى أربعاً، هذا قول إسحاق.

    قال أبو بكر: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد ركعتين، فكل من صلى صلاة العيد صلاها كما سنها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تجوز الزيادة في عدد الصلاة لمن فاته العيد بغير حجة، ولا أحسب خبر ابن مسعود يثبت، لأن الذي رواه مطرف عن الشعبي
    روى يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح، عن مطرف، قال: حدثني رجل، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله، فيمن فاته العيد، فبطل الحديث لما أخبر مطرف أن رجلاً أخبره، ولم يذكر من الرجل. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 290): ".. وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير. نقل ذلك عن أحمد إسماعيل بن سعيد، واختاره الجوزجاني.
    وهذا قول النخعي، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر؛ لما روي عن أنس، أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين، يكبر فيهما. ولأنه قضاء صلاة، فكان على صفتها، كسائر الصلوات، وهو مخير، إن شاء صلاها وحده، وإن شاء في جماعة. قيل لأبي عبد الله: أين يصلي؟ قال: إن شاء مضى إلى المصلى، وإن شاء حيث شاء. انتهى 

    وانظر فتح الباري (9/ 83) لابن رجب الحنبلي.

    وقال ابن تيمية: وأما من كان عاجزاً عن شهودها مع الإمام، فهذا أهل أن يفعل ما يقدر عليه، فإن الشريعة فرقت في المأمورات كلها بين القادر والعاجز، فالقادر عليها إذا لم يأت بشروطها لم يكن له فعلها، والعاجز إذا عجز عن بعض الشروط سقط عنه، فمن كان قادراً على الصلاة إلى القبلة قائماً بطهارة لم يكن له أن يصلي بدون ذلك، بخلاف العاجز فإنه يصلي بحسب حاله كيفما أمكنه، فيصلي عرياناً، وإلى غير القبلة، وبالتيمم إذا لم يمكنه إلا ذلك.

    فهكذا يوم العيد إذا لم يمكنه الخروج مع الإمام سقط عنه ذلك، وجوز له أن يفعل ما يقدر عليه ليحصل له من العبادة في هذا اليوم ما يقدر عليه، فيصلي أربعاً وتكون الركعتان بدل الخطبة التي لم يصل بها كما كانت الخطبة يوم الجمعة قائمة مقام ركعتين، والتكبير إنما شرع في الصلاة الثنائية التي تكون معها خطبة، وكذلك الجهر بالقراءة، كما أنه في الجمعة يجهر الإمام في الثنائية ولا يجهر من يصلي الأربع كذلك يوم العيد لا يجهر من يصلي الأربع، فالمحبوس والمريض والذي خرج ليصلي ففاتته الصلاة مع الإمام يصلون يوم العيد بخلاف من تعمد الترك.

    فهذا أصل عظيم مضت به السنة في الفرق بين الجمعة والعيد، وقد اختلفت الرواية عن أحمد فيمن فاته العيد هل يصلي أربعاً أو ركعتين أو يخير بينهما؟ على ثلاث روايات. انتهى مجموع الفتاوى (24/ 125)

    ــــــــــــــــــــــــ

    (1) أخرجه البخاري(138)، ومسلم (763).

    (2) أخرجه البخاري (2010) عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل» ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون» يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله. 

    (3) http://binothaimeen.net/content/12780

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم