• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: الاستثناء في الإيمان
  • رقم الفتوى: 898
  • تاريخ الإضافة: 28 ربيع الأول 1440
  • السؤال
    شيخنا حفظكم الله، هل يجوز الاستثناء في الإيمان؛ كقول القائل: أنا مؤمن إن شاء الله، أو: أنا مؤمن أرجو؟ جزيت خيراً
  • الاجابة

    الاستثناء في الإيمان هو أن يقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله.
    وعقيدة أهل السنة والجماعة في هذا جوازه، فيجوز له أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
    هذا المنقول عن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين الذين أمرنا باتباعهم في مثل هذا.
    ولا يعني بذلك أنه يشك في إيمانه؛ فالشك في الإيمان كفر.
    ولكن على معنى أنه لا يزكي نفسه بالإتيان بالعمل كما أمر أو أن الله تقبل منه عمله، هذا ما علله به السلف الصالح رضي الله عنهم.
    وخالف في ذلك المرجئة؛ فقالوا: لا يجوز الاستثناء في الإيمان؛ لأنه كفر؛ فهو راجع إلى الشك في الإيمان.
    وقولهم هذا جاء من تعريفهم للإيمان بأنه التصديق، أو التصديق والقول، المهم أن العمل ليس من الإيمان عندهم؛ لذلك لا يمكن أن يرجع الاستثناء في الإيمان إلى العمل.
    بينما أهل السنة يدخلون العمل في الإيمان؛ لذلك يجيزون الاستثناء، ويكون الاستثناء عندهم على كمال العمل.


    قال الآجري رحمه الله في الشريعة مبيناً عقيدة السلف في ذلك:
    قال محمد بن الحسين رحمه الله – يعني نفسه رحمه الله- : من صفة أهل الحق، ممن ذكرنا من أهل العلم: الاستثناء في الإيمان، لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟ وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار، وأشباه هذا، والناطق بهذا، والمصدق به بقلبه مؤمن، وإنما الاستثناء في الإيمان لا يدري: أهو ممن يستوجب ما نعت الله عز وجل به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟ هذا وطريق الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول، والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان، والناس عندهم على الظاهر مؤمنون، به يتوارثون، وبه يتناكحون، وبه تجري أحكام ملة الإسلام، ولكن الاستثناء منهم على حسب ما بيناه لك، وبينه العلماء من قبلنا. روي في هذا سنن كثيرة، وآثار تدل على ما قلنا. انتهى
    ثم أخذ يذكر الأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف على ذلك.
    وأخرج عن جرير بن عبد الحميد قال: " الإيمان قول وعمل، قال: وكان الأعمش، ومنصور، ومغيرة، وليث، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وعمارة بن القعقاع، والعلاء بن المسيب، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، وأبو يحيى صاحب الحسن، وحمزة الزيات يقولون: «نحن مؤمنون إن شاء الله، ويعيبون على من لم يستثن»، قال أبو بكر المروزي: سمعت بعض مشيختنا يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: «إذا ترك الاستثناء، فهو أصل الإرجاء».

    وأخرج الخلال في السنة عن محمد بن الحسن بن هارون، قال: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء في الإيمان، فقال: " نعم، الاستثناء على غير معنى شك، مخافة واحتياطاً للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره، وهو مذهب الثوري، قال الله عز وجل: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} [الفتح: 27]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله"، وقال في البقيع: "عليه نبعث إن شاء الله".

    وفي السنة للخلال: ودخل عليه شيخ فسأله عن الإيمان؟ فقال: «قول وعمل» . فقال له: يزيد؟ فقال: «يزيد وينقص» ، فقال له: أقول مؤمن إن شاء الله؟ قال: «نعم» . فقال له: إنهم يقولون لي: إنك شاك. قال: «بئس ما قالوا» . ثم خرج، فقال: ردوه، فقال: " أليس يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؟ " قال: نعم. قال: «هؤلاء مستثنون» قال له: كيف يا أبا عبد الله؟ قال: " قل لهم: زعمتم أن الإيمان قول وعمل. فالقول قد أتيتم به، والعمل فلم تأتوا به، فهذا الاستثناء لهذا العمل "، فقيل له: فيستثنى في الإيمان؟ قال: " نعم، أقول: أنا مؤمن إن شاء الله، أستثني على اليقين، لا على الشك، ثم قال: قال الله عز وجل: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} [الفتح: 27] ، فقد علم تبارك وتعالى أنهم داخلون المسجد الحرام ".

    وتوسع اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة في ذكر الأدلة والآثار عن السلف في ذلك، وانظر كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام، والسنة للخلال، والشريعة للآجري، والإبانة لابن بطة .
    وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/429) لتعرف مذاهب المخالفين لأهل السنة في ذلك. والله أعلم

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم